رمال من أمل 16

استلقيت على السرير بعد أن خرج راشد من غرفتي كنت أفكر في تصرفاتي معه, كيف أسمح لنفسي بالتحدث معه ومقابلته بمفردي دون خجل؟!

دخل الطبيب وقال لي: تبدين بصحة جيدة يا آنسة.

قلت: نعم الحمد لله…متى يمكنني الخروج؟

الطبيب: حالما تشفين تماما سأكتب لك ورقة الخروج.

قلت: لكنني لا أشعر بتعب الآن.

الطبيب: علينا الاهتمام بك مهما كنت تشعرين فالمرض لا لعب فيه …كما أن خطيبك أوصانا بمراعاتك جيدا هل نخذله؟

قلت بدهشة: خطيبي؟!

الطبيب: نعم السيد راشد خطيبك أليس كذلك؟

سرحت كثيرا في تلك الكلمة : خطيبي! لما قال ذلك؟

الطبيب: يا آنسة هل أنتِ بخير؟

انتبهت لنفسي وقلت: نعم نعم بخير يا دكتور…حسنا نفذ ما يريده خطيبي راشد لكن أتمنى أن لا أبقى هنا كثيرا.

الطبيب: ألا يعجبك مشفانا؟

أجبت: مهما كان مستواه ومظهره فلا أحد يحب البقاء في المشفى عموما ألست محقة؟

الطيب: نعم أنتِ كذلك.

مر يومان على وجودي بالمشفى استطعت بعدها الخروج حين جاء راشد ووقع على ورقة الخروج, عدت للمنزل ولم أكلم أحد حتى والداي لم يسألاني عن شيء, جلست فقط في غرفتي  أنظر لأغراضي بصمت

كان الوقت بطيئا ومحملا بالملل والثقل, لم أذهب للجامعة منذ مدة ولا أعلم شيئا عن دراستي حتى أنني لم أكون صداقات أخرى مع البنات سوى بدور

آآآآه يا بدور كم كرهتك, لما فعلتي بي ذلك لما خنتي صداقتنا؟ كيف أمكنك اللعب بي ومحاولة جعلي من بنات الليل, لقد رأوني الناس معك بالحفل الممل ذاك ترى ما رأيهم بي؟ ماذا قالوا عني؟

فكرت بأشياء كثيرة وقررت العودة لدراستي بعد غد الأحد ونسيان كل ما حدث لي بالفترة الطويلة هذه, سافر راشد أيضا لإنهاء بعض الأعمال, كم كان لطيفا معي رغم خوفي منه حين خرجنا مع من الحفل.

ربما أنساه خلال هذه الفترة وألتقي بأناس آخرون, وربما ينساني هو خلال سفره ويلتهي بأعماله الأخرى.

رمال من أمل 15

في منزلنا:

وقف أبي أمام طاولة الطعام ونادى بيلين.

بيلين: نعم سيدي.

قال: أحضري لي فنجان قهوة.

بيلين: حاضر سيدي.

توجه ناحية غرفتي وفتح الباب قائلا بعصبية: إلى متى ستبقين بهذه الحال؟ لقد تزوجت أختك وسافرت…هيا انهضي بسرعة…كم أخجل لكونك ابنتي.

ظل واقفا وهو ينظر للمكان بعصبية: هيا ألا تسمعين؟

دخل وأضاء النور وتفاجئ بعدم وجودي…نظر حوله مندهشا: أين يمكن أن تذهب في هذه الساعة من يوم الجمعة؟

خرج مناديا مرة أخرى: أمل…هي أمل أين أنتِ؟…أمل؟

سمعته أمي وخرجت قائلة: ما بك يا رجل لما كل هذا الصراخ الآن؟

قال: ابنتك ليست في المنزل.

قالت: هل نسيت أن سميرة تزوجت؟

قال: وهل تراني ذكرت سميرة الآن…هل نسيتي أن لك ابنة اخرى يا امرأة؟

قالت: أمل؟ أين يمكن أن تذهب…ابحث عنها في حديقة المنزل.

نادت على بيلين: هل ريت أمل اليوم؟

بيلين: كلا لم أرها غرفة كانت مقفلة من أمس حين عدنا لم يخرج أحد منها.

قال أبي: إلى أين ذهبت هذه الفتاة؟

قالت أمي: دعك منها يا رجل إنها لا تحترم أحد…فلو كانت تحترمنا لأبلغتنا عن خروجها.

في المشفى:

راشد: يجب أن يعلم والديك عن مكانك يا أمل حتى وإن لم يهتموا…ففي النهاية هم أهلك ولا يجوز أن لا نخبرهم.

قلت: لم يسألوا عني منذ الأمس يا راشد فلماذا اهتم لهم؟

راشد: لأنهم أهلك يا أمل ويجب أن تكوني أفضل منهم وتبريهم مهما فعلوا.

قلت: حسنا فلتحدثهم أنت هل يمكنك ذلك؟

راشد: نعم بالتأكيد لكن ما هو رقم منزلكم؟

أخبرته بالرقم وقام بإبلاغهم ورغم ذلك لم يأتي أحدٌ منهم لرؤيتي حتى الظهيرة حين قدمت أمي بمفردها ودخلت بدون أن تنظر لراشد أو تعيره اهتماما: مرحبا…أخبروني بأنك مريضة .

أدرت وجهي للناحية الأخرى ولم أجبها.

تابعت قائلة: يقول الطبيب أنك بخير…ولذلك متى ما صرحوا لك بالخروج سأرسل سائق ليأخذك …أبلغيني قبلها…وداعا.

سقطت دموعي بغزارة ووقف راشد مذهولا مما رآه وسمعه: هل يعقل أن تكون هذه أم؟

كنت أقول: لا أريد أن أراها مجددا…لقد قلت لك لا تخبرهم …هل رأيت كيف يهتمون بي…سترسل السائق لأخذي أيضا ولن تأتي معه أو ترسل والدي…

جلس راشد بجانبي وقال: اهدأي يا أمل ولا تبكي

كان يربت على كتفي ويحاول مواساتي…يديه الدافئتين كانت تربكني…كنت أهدأ بمجرد سماع صوته ولمسه لي… كلماته تدفعني لمشاعر غريبة لم أشعر بها من قبل.

بدأت أحاول فهم مشاعري تجاهه ولم أدرك أنني وقعت في حبه…وتبقى مشاعري بداخلي طالما أنني لا أعرف مشاعره تجاهي وإن كان هناك مشاعر أصلا يكنها لي…ربما يعتبرني أخته أو صديقة تعرف عليها.

لاحظت شروده وتفكيره وهو ينظر إلي: لما أهتم بها هكذا؟ أنا لم أعرفها إلا منذ فترة قصيرة جدا وفي حفل يظم مجموعة كبيرة من المنحرفين والمنحرفات وأصحاب السوء

يجب أن …حسنا ما ذنبها فيما فعلته صديقتها أو من كانت صديقتها هي لم تعرف ما تضمره لها نهائيا…ربما كانت تكذب علي وربما…يا الله كم من فكرة تدور في رأسي ولا أعرف كيف أنهي حيرتي هذه.

راشد: أمل هل يمكنني أن أسألك سؤالا؟

قلت: تفضل.

راشد: لمَ وافقت على ركوب سيارة جاسم مع بدور؟

أجبت بخجل: لا أدري كيف وافقتها لقد أجبرتني وكانت تحاول إقناعي بأن جاسم صديق والدها ويثقون به جميعهم…لم أكن أدرك بأنها تكذب علي أبدا…لقد لمت نفسي كثيرا.

راشد: لكنك حضرت الحفل أيضا.

قلت: أخبرتك ما قالته لي…هل تعتقد انني…

قاطعني قائلا: لا أريد أن أعتقد شيئا الآن كل ما أريد معرفته لم توافقين على كل ما تطلبه منك ولا ترفضين؟

أجبت: كنت أعتبرها صديقة وأخت تريد إسعادي وإدخال البهجة لقلبي لما كانت تراه من معاناتي مع والدي.

نظر إلي بحيرة ولم يتحدث لكنه استأذن بعدها للذهاب لعمله.

رمال من أمل 14

بقيت نائمة لساعات طويلة على السرير وكان راشد ينظر إلي ولا يحرك ساكنا.

حدق راشد بيديه وثيابه: كم تجذبني رائحتها التي تسكن ثيابي ويدي …وتبدو كالملاك وهي نائمة.

نهض من مكانه ووقف أمام نافذة الغرفة: سأنسيك فهد وطائفته إنه لا يستحق منك دمعة واحدة…أنتي ستكونين لي وحدي وبإرادتك…ياااااااه كيف أفكر هكذا ما الذي يحدث لي؟

دخل الطبيب وقطع أفكار راشد قائلا: ألم تستيقظ بعد؟

راشد: استردت وعيها وحدثتني لكنها نامت.

فحصني الطبيب وقال: ستكون بخير إن شاء الله…يجب أن تستريح يا سيدي فما من داع لوجودك معها الآن.

نظر راشد لساعته وكانت تشير للواحدة مساءا وقال: معك حق سأنصرف وأعود في الصباح الباكر.

في منزلنا دخلت أمي وهي تزفر من التعب وألقت بجسدها على السرير تحدث أبي: منذ أن وضعت أمك في دار المسنين ولم تتصل بهم لتسأل عنها.

أبي بضحكة ساخرة: ومنذ متى تهمك أمي؟

قالت: ليس هذا ما قصدته وإنما حديث الناس هو المهم أنت تعرف أن لنا مركز اجتماعي الآن وعلينا مراعاة تصرفاتنا والحذر من كل شيء.

أبي: معك حق…سأتصل بهم غدا صباحا أو بعد غدٍ.

ناموا دون حتى التفكير بي أو السؤال عني وكأنني لا أعني لهم شيئا, حتى بيلين توقعت أنني نائمة ودخلت لتنام أيضا.

في صباح اليوم التالي نهضت من نومي ولم أرى راشد بل كانت تقف بجانبي ممرضة صغيرة قالت لي: صباح الخير آنستي.

قلت بتعب: صباح النور.

الممرضة: كيف حالك الآن؟

قلت: بخير.

الممرضة بابتسامة:  أنا ممرضتك سون وأنا هنا لخدمتك والعناية بك.

أجبت: شكرا لك يا سون.

سون: هذا فطورك آنستي…هيا لتتناوليه.

قلت: لا أشعر برغبة في الأكل.

سون: لا يمكن آنستي الطعام مهم لصحتك.

قلت: حقا لا أريد الآن.

سون: أنتي عنيدة لا أعرف كيف أجعلك تتناولينه…حسنا سأعود بعد قلبل, أرجوك تناوليه يا آنستي.

قلت: سأحاول.

نظرت لأشعة الشمس المتسربة من النافذة…إنها الساعة الثامنة صباحا ترى هل علمت أمي بأنني بالمشفى؟ ألا تهتم بي لهذه الدرجة؟…آه يا جدتي لو كنتِ هنا لما تركتيني بمفردي أبدا.

كنت سارحة جدا لدرجة أنني لم ألحظ دخول راشد للغرفة إلا حين قال لي وهو يمد يديه بملعقة من الطعام قائلا: صباح الخير.

فتحت فمي لأجيب فأدخل اللقمة بفمي وضحكنا معاً.

راشد: فيم كنتي تفكرين؟ قالت لي الممرضة أنك رفضتي تناول الطعام أيضا.

قلت: ليس لدي رغبة بتناول شيء…صحتي لا تهم أحد فليس لدي من يهتم بي والدتي مشغولة طوال الوقت وفقدت صديقتي الوحيدة التي خذلتني وأختي خانتني مع …

مد راشد يديه بلقمة أخرى مؤنبا: بقيت أنا معك طوال الليل ولم أنم إلا حين اطمئنيت عليك وعدت الآن كل هذا ولا أحد يهتم بك…يبدو أنك ناكرة للجميل.

ضحكت بصوت عال وكانت هذه هي أول ضحكة تخرج من قلبي: آسفة حقا لتفكيري لم…

وضع يديه على فمي قائلا: لا داعي للاعتذار نحن لم نعرف بعضنا سوى من فترة قصيرة.

 

رمال من أمل 13

توقف وهو ينظر إلي بدهشة قائلا: لما انتِ مسرعة هكذا ما الأمر؟

لم أستطع التكلم بل كل ما صدر مني شهقات قوية ودموع تساقطت بحرارة وقلت بنبرات متقطعة: فهد..سميرة..الزفافـ…

سقطت بين يديه حتى وجدت نفسي في مشفى ضخم وحولي ممرضة وطبيب يقف بجانبهم راشد ويتحدث إليهم كنت أراهم بلا تركيز فلا قدرة لي على فتح عيني بالكامل أو فهم ما يقولون حتى فكلما فتحت عيناي فقدت وعيي مرة أخرى.

كان راشد يسأل الطبيب عن حالتي: مما تعاني يا دكتور؟

قال الدكتور وهو يحدق بي: ضغوطات نفسية متراكمة سببت لها أزمة نفسية حادة.

التفت إلي راشد وحدق بي وهو يتذكر كلماتي قبل أن أسقط بين يديه…فهد…سميرة…الزفاف؟! ماذا كانت تقصد؟

قال الطبيب: سيد راشد هل الآنسة قريبتك أو…؟

راشد: آآآ نعم نعم إنها خطيبتي ما الأمر؟

الدكتور: يجب أن تبقى تحت ملاحظتنا يومان على الأقل حتى تتحسن حالتها ولم أرى والدتها أو أحدٌ هنا بجانبها سواك ويجب أن يوقع على ورقة دخولها للمشفى…

قاطعه راشد: سأوقعها أنا فوالدتها مسافرة.

الدكتور: كما تريد سيد راشد.

جلس بجانب السرير وعيناه مركزتان علي…حاولت فتح عيني بعد ساعة من فقداني للوعي

كان راشد قد غفى على الكرسي حاولت النهوض والجلوس لكني لم أستطع كنت أحدق بالمكان وعن سبب مجيئي لهنا تنفست بعمق حينها فتح راشد عينيه وقال: أمل هل أنتِ بخير؟

نظرت إليه بحزن: نعم بخير لا تقلق.

ابتسم وهو يساعدني على الجلوس قائلا: هل يؤلمك شيء ما؟

قلت: كلا …

راشد: صارحيني بما في داخلك يا أمل لما كنت منهارة هكذا وتركضين بالشارع؟

ابتلعقت ريقي بصعوبة وقلت: ما من شيء مهم.

راشد: بلى هناك شيء مهم, لقد قلت لي كلمات غير مفهومة.

نظرت إليه بدهشة: ما الذي قلته؟

راشد: كنتي تذكرين أسماء أشخاص…فهد وسميرة والزفاف لم أفهم شيء.

اخفضت رأسي بألم وسألته: كم الساعة الآن؟

راشد: الحادية عشرة مساءا.

قلت: إنهما معا الآن يتحدثان والكل ينظر إليهما ويتمنى لهما السعادة.

راشد: وضحي لي قصدك يا أمل.

بدأت بسرد الحكاية حتى خارت قواي مجددا ودخلت في نوبة بكاء شديدة…كنت أردد : حطم قلبي يا راشد…حطم أحلامي أنا أكرهه وأكره سميرة …أكره أمي وأبي…أقترب مني راشد لتهدأتي فألقيت رأسي على صدره دون شعور

تركني أبكي في أحضانه ولم يمنعني أو يبعدني عنه…لم أشعر بتصرفاتي وكأنني كنت بحاجة لمن يحتضن حزني وألمي…بقيت هكذا حتى نمت نوما عميقا.

رمال من أمل 12

جاء يوم زفاف سميرة وكان الكل منهمك بهذا اليوم إلا أنا كنت لازلت أفكر في جدتي التي اختفت فجاة ولم تعد إلى المنزل حتى أنني لم أعرف إلى أين ذهبت للآن.

حدقت طويلا في الحقائب الموضوعة في صالة المنزل ثم مررت بجانبها متوجهة ناحية المطبخ حيث كانت تقف بيلين وبيديها صينية حلوى قلت لها: ألم تذهبي لصالة الزفاف بعد؟

بيلين بلكنتها الركيكة: لم تخبرني مدام متى أذهب وقالت أن أحضر هذا الحلوى معي, عندما يأتي سائق.

تنهدت بقوة وأنا أسكب لنفسي كأس عصير بارد وأشربه دون اهتمام وكانت بيلين تنظر إلي وعيناها تحاول أن تسألني عن شيء ما لكني لم أحاول أن أسألها وتابعت شرب العصير إلى أن فتحت فمها وقالت:

لماذا لا تأتين عرس سميرة؟

لم أعرف كيف اجيبها وقفت حائرة ودمعة تتدفق بهدوء من عيني قالت لي: هل تبكي؟ هل سؤالي خطأ؟

قلت وأنا أمسح دموعي بيدي: لا بيلين لم تخطأي بشيء أنا لا يمكنني الذهاب للعرس امممممم لأن…حسنا أنا مريضة فقط لا أكثر.

كانت بيلين تنظر إلي وكأنها لم تصدقني…حدقت بها طويلا…هل يبدو علي الكذب بهذا السهولة؟!

وضعت كوب العصير جانبا حين سمعت صوت فتاة صغيرة تنادي بالخارج: بيلين.

خرجت للصالة كانت تقف فتاة في الخامسة من عمرها تقريبا تنظر حولها وهي تنادي بيلين وحين رأتني قالت: أين الخادمة يجب أن نذهب بسرعة بسرعة ماما تنتظرنا بالأسفل.

قلت بدهشة: ومن أنتي يا صغيرة.

وقفت ببراءة وقالت: أنا رؤى وماما اسمها دعاء.

حاولت تذكر هاذان الاسمان وأخيرا عرفت من هي دعاء…نعم إنها جارة أم فهد وقد تعودت على الذهاب برفقة سائقهم لأي مكان تريده.

خرجت بيلين وبيديها الحلوى وقالت: أنا قادمة…هيا نذهب.

تنهدت بقوة وألقيت بجسدي على الكرسي لا أدري لما خارت قواي فجأة …هل عادت نوبة الحزن من جديد؟ …يا إلهي لا أريد البكاء مجددا…أمسكت برأسي وكانت ألف فكرة وفكرة تراودني كلها تحرضني على الانتقام وتخريب يوم زفاف سميرة

دخلت غرفتي وارتديت ملابسي وخرجت دون وعي للشارع أمشي بلا توقف وبسرعة شديدة ارتطمت بهامة ضخمة رفعت وجهي لم أصدق أنني أمامه قلت بصدمة: راشد!

رمال من أمل (11)

بقيت أبكي بحرقة حتى شعرت بأنني استنزفت كل دموعي ونهضت وأنا افكر بأنه لا يستحق دمعه واحدة لأنه خائن وكذب علي, غسلت وجهي ووقفت أمام خزانة ملابسي كان لدي الكثير من الملابس الفضفاضة والملونة لكنني شعرت بأنها لم تعد تلائمني

أخرجت تنورة رمادية وقميص وردي وارتديتها ولبست عبائتي وحجابي ووضعت القليل من الكحل وأحمر الخدود كنت برغم بساطتي أبدو جميلة ومرتبة, خرجت للصالة فوجدت أم فهد أمامي تقف هي وابنتها وأختها كانوا يهمون بالخروج

لكن أم فهد وقفت حين رأتني وقالت: كيف حالك يا أمل لم تأتي للسلام علينا هل هذه أصول؟

لم أرغب بالرد عليها لكنني قلت بجرأة: ولماذا أسلم عليكم هل هذا واجب أو أمر؟

قالت: إنها الأصول يا فتاة.

قلت بحدة: آآه أصول؟! الغريب أنك تتحدثين عن الأصول رغم أن ما فعلته معي أنتِ وابنك لا يمت للأصول بصلة.

كانت سترد علي لكنني قاطعتها قائلة: هذا لم يعد يهمني عموما  لكنني أحببت تذكيرك لا أكثر…علي الذهاب فلا وقت لدي أضيعه معكم.

لا أعرف كيف قلت تلك الكلمات حتى أن نظرات الدهشة بدت واضحة على امي وأختي سميرة التي قالت لها: هل هذه أختي امل؟ لقد بدأت أشك في ذلك.

شمس: آآآه دعك منها, المعذرة يا أم فهد على ما قالته ابنتي انت تعرفين أنا بلا عقل.

أم فهد: لا عليك دعينا لا نعكر مزاجنا بتوافه الأمور ولنبقى سعداء بزفاف أبناءنا.

شمس بابتسامة: نعم معك حق.

توجهت للسوق وكنت أبحث عن أرقى محلات الملابس دخلت محلات كثيرة آخرها كان محل راقي دخلته وكان لديهم ملابس جميلة ذات ألوان رائعة وقفت أختار بعض الملابس بعد أن رحبت بي العاملة وقدمت مساعدتها لي في انتقاء ما يناسبني

دخلت غرفة القياس الكبيرة وكان هناك مجموعة من الفتيات يتحدثن بصوت عالٍ التفتن لي حين دخلت وبيدي بعض الملابس’ نهضت إحداهن وهي تمشي كعارضات الأزياء بغرور وقالت: مرحبا.

قلت: أهلا بك.

قالت: هل جئتِ لقياس ملابسك؟

قلت: وماذا ترين أنتِ؟

قالت: حسنا الغرف ممتلئة انتظري حتى ننتهي من القياس.

قلت: لا أرى أحدا يقيس ملابس وبعض الغرف فارغة!

قالت: أنا قلت أنها ممتلئة وعليك الانتظار مفهوم؟

نظرت إليها بدهشة ولكن لم أهتم لما قالته ودخلت لإحدى غرف القياس وأغلقت الباب دون أن أتحدث معها لكنها شعرت بالغيظ وسمعتها تقول لزميلاتها: لقد سفهتني هل رأيتن ذلك؟

قالت واحدة منهن: دعكِ منها يا هجير لا تستحق الاهتمام.

هجير: لا لست أنا من أعامل هكذا ولا تنفذ أوامري يا ديم وأنتِ تعرفين من هي هجير سعد الـ….

ديم: ماذا ستفعلين؟

هجير: سأنتظرها إلى أن تخرج وأريها من أكون.

سمعت حديثها والابتسامة لم تفارق وجهي وبعد أن قست ملابسي خرجت من الغرفة وأنا أنظر لها هي وصديقاتها فتقدمت مني ورفعت يديها وهي تقول: لست أنا من أسفهُ وأعامل بهذه الطريقة.

كانت تريد ضربي فأمسكت يديها وقلت بابتسامة صغيرة: حسنا عرفت بأنك هجير ابنت سعد الـ …ولكن ليس هذا أسلوب لتقديم نفسك يا آنسة هجير ألم تتعلمي أن تقدمي نفسكِ بلباقة للآخرين؟

أنزلت يديها بغضب وقالت بغرور واضح: أنتِ ستعلمينني اللباقة؟! هه…هذا ما كان ينقصني.

قلت: الحمد لله انا لا أعمل معلمة فليس لدي الرغبة باستقبال طالبة مثلك…تذكري يا بان من تواضع لله رفعه.

كنت سأخرج فدخلت علينا فتاة تحمل الكثير من الثياب حدقت بها جيدا: إنها ابتسام…!

قالت جين رأتني: أوه أمل أنتِ هنا ماذا تفعلين؟

قلت: وماذا يفعل الناس في محل للملابس يا ابتسام؟

هزت رأسها بإعجاب وقالت: استغربت وجودك هنا يا أمل فأنا لم أعرف بأنك تشترين من هذه المحلات!

قالت هجير: هي ابتسام ألا تريننا نحن هنا.

ابتسام بمرح: هجير وصديقاتها مرحبا كيف حالكم؟

هجير: بخير…هل تعرفين هذه الفتاة؟

ابتسام: نعم.

وجهت ابتسام نظرها لي وقالت: لمَ غادرت بسرعة البارحة لقد بحثت عنك بدور ولم تجدك أين ذهبت؟

قلت وأنا أحمل أغراضي للخروج: لم يرق لي حفلكم  لقد أصبت بصداع بسبب الإزعاج.

ابتسام: أحقا! عموما لقد غضبت منك بدور كثيرا وقالت…

قاطعته قائلة: لا تهمني بدور ومن على شاكلتها يا ابتسام كان يوما وقد مر وانتهى لم يعد لي علاقة ببدور وأرجوا أن تخبريها بذلك إن رأيتها…عن إذنكم.

قالت هجير: هذه الفتاة غريبة جدا…لم أرى هذا النوع من قبل؟

ابتسام: لم تكن كذلك حين رأيتها بالأمس كان يبدو عليها الضعف.

هجر: غريب!

ابتسام: لمَ تهتمين لها؟

هجير: لا لست مهتمة.

 

يتبع…

رمال من أمل (10)

تركتها وعدت لغرفتي واستلقيت على سريري: ترى أين أنتي يا جدتي ولمَ سافرتِ؟

نمت نوما عميق حتى صباح اليوم التالي يوم السبت عند الساعة العاشرة, استيقظت على صوت أناس يتحدثون نظرت للساعة ثم للنافذة: من أتى في هذا الوقت؟

أخذت حماما باردا ومنعشا وبدلت ملابسي وارتديت حجابي وخرجت لأنظر من يزورنا في هذا الوقت؟!

قابلتني بيلين الخادمة التي استقدمتها أمي بالأمس كانت تحمل بعض العصير والكعك قلت لها: من يزورنا يا بيلين؟

بيلين: إنني لا أعرفهم يا آنستي…إنهما سيدتان وفتاة ومعهما رجل.

قلت: امممممم من يجلس معهم؟

بيلين: السيدة شمس والسيدة سميرة يا آنستي.

قلت: حسنا أحضري لي الفطور في غرفتي.

بيلين: حاضر آنستي.

توجهت ناحية المجلس حيث مصدر أصواتهم العالية وانحنيت برأسي دون أن يلاحظوني لكن التقت عيناي بعينيه, لقد كان يجلس مباشرة أمام باب المجلس, عدت للخلف وتجمعت الدموع بعيني فجأة وقلت بداخلي: كم أكره رؤيتك يا فهد…أكرهك ومجبرة على رؤيتك في منزلنا.

وقفت بيلين أمامي وقالت: الفطور جاهز في غرفتك يا آنستي.

كنت شاردة الذهن وعيناي تذرف الدموع بحرقة قالت مجددا: آنستي …آنستي؟

قلت وانا امسح دموعي: امم ماذا هل قلتِ شيئا بيلين؟

بيلين وهي تحدق بي بدهشة: كنت أقول بأن الفطور جاهز آنستي.

قلت: حسنا.

توجهت إلى غرفتي وجلست أمام الطاولة أحدق بالطعام…كنت أريد نسيان فهد ونظراته حين رآني بالقرب من الباب, تناولت أول لقمة ولم أقوى على ابتلاعها ثم ارتشفت القليل من الشاي , تساقطت دموعي بألم وكنت أحاول جاهدة أن أصمد لكن خارت قواي وانهرت فوق الكرسي .

 يتبع…

رمال من أمل (9)

سرقتنا الأحاديث ومر الوقت سريعا لم أدرك أن الساعة قد أصبحت الحادية عشرة مساء إلا حين قال راشد: هل نعود لمنزل جاسم؟

قلت: أوه كم الساعة الآن؟

قال: إنها الحادية عشرة يا أمل.

قلت: آآه  سرقنا الوقت وقد وعدت جدتي بأن لا أتأخر.

راشد: هل ستعودين للمنزل؟

قلت: بالتأكيد لا أريد أن توبخني جدتي.

راشد: حسنا سأوصلك لمنزلك.

ركبت معه سيارته الصغيرة وعدت لمنزلي دخلت وكان المنزل ساكنا ذهبت لغرفة جدتي لأخبرها بعودتي لكني لم أجدها, ناديتها: جدتي أين أنتِ؟

ناديت كثيرا لكن لم يجبني أحد, ترى اين ذهبت جدتي؟

وجدت سميرة تطل من غرفتها وتقول لي: هل عدت ايتها المزعجة؟ لمَ تصرخين هكذا؟

قلت: أين جدتي؟

أجابت: جدتك آآآه لقد سافرت.

قلت بدهشة: سافرت؟ متى وأين؟

قالت: لا أعرف دعيني أنام أنا احتاج للراحة كثيرا فموعد زفافي الخميس القادم.

تركتها ودخلت لغرفتي أبدل ملابسي وانا أفكر متى سافرت جدتي وإلى أين ذهبت تحديدا؟

استلقيت على السرير والأفكار تدور في رأسي, رؤية راشد وحديثنا معا وما تفعله بدور وسفر جدتي وزفاف أختي, الغريب في الأمر أنني لم ارَ والدي فالمنزل هل سافروا ايضا؟ أم أين ذهبوا في هذا الليل المظلم؟

اثناء تفكيري سمعت صوتا فخرجت مسرعة وقلت: جدتي هل عدت؟

كانت أمي تنظر إلي بنظرات قلقة وقالت: هل عدتِ من الخارج؟

قلت: نعم أين جدتي أليست معكما؟

قالت: لقد سافرت وذهبنا لنوصلها.

قلت: إلى أين سافرت ولمِ لم تنتظرني لأودعها على الأقل؟

قالت أمي بعصبية: لم تستطع انتظارك كان سفرها مفاجئ.

لم أتفوه بكلمة فتابعت أمي قائلة:

هيا اذهبي للنوم وكفاك تفكيرا بتلك العجوز.

قلت: إنها جدتي يا أمي.

قالت: أوه أنتِ حمقاء حقا…اسمعي ومن باب العلم بالشيء, زفاف اختك يوم الخميس القادم…اشترِ لك فستان مناسب فأنا لا اراك مهتمة بشيء أبدا.

قلت: أنا لن أحضر الزفاف…أنتِ تعلمين أنني…

قاطعتني قائلة: هذا افضل لتتزوج أختك بسلام, دون مشاكل.

 

يتبع…

رمال من أمل (8)

وقفت حائرة بعد أن قالت بدور جملتها وتركتني أمام بابة الصالة الكبيرة, كنت أنظر حولي وأفكر بالخروج من المكان لكن شيءٌ ما منعني وبعد لحظات خلعت عبائتي ومن ثم حجابي ووضعته على أكتافي

اقتربت الخادمة وقالت: أعطني إياهم يا آنستي.

مددت يدي بالعباءة فقالت: والحجاب.

قلت وأنا ألفه حول جسدي: لا أتركيه.

الخادمة: كما تريدين.

تقدمت من الباب لأدخل قابلني رجلٌ طويل وأسمر يرتدي بدلة رمادية, قال لي وبيده كأس يشرب منه : أوه يا لا الروعة هل أنتِ صديقة جاسم؟ أنا لم أرك من قبل.

نظرت إليه بقلق وعصبية: انا لست صديقة احد.

ضحك الرجل قائلا: ههههههههههههاه ولما أنت هنا إذن؟

قلت: جئت مع بدور.

قال: أهاااا بدور …هيا ادخلي ما بك؟

دخلت وبحثت عن مكان أجلس به, الكل كان يضحك ويتحدث حتى بدور كانت غارقة فالضحك ومن ثم بدأت الموسيقى الصاخبة من جديد وبدأ الكل يرقص بحماس, اقترب مني ذلك الرجل الذي حدثني وقال: هل ترقصين معي؟

قلت: أرقص؟ هذا مستحيل.

قال: لماذا؟ الكل يرقص…هيا تعالي أنتٍ تثيرين فضولي.

جذبني من يدي وقال: تعالي هيا سوف ترتاحين معي أنا متأكد.

وقفت أمامه لا أعرف ماذا أفعل بدأ يتمايل مع أنغام الموسيقى وأنا أمامه كالبلهاء قال: هات يدك ووضع هو يده على خصري ثم تمايلنا معا وبدأت دموعي فالتساقط بصمت

رائحة عطره جذابة لكنني لم أقف مع رجلٍ من قبل والآن أرقص مع هذا الغريب الذي حتى لم يفصح عن اسمه, حدق بي وتوقف فجأة عن الرقص قال: ما الأمر لما تبكين هل ضايقتك؟

لم أجبه بل كنت غارقة في دموعي وتركته مغادرة للخارج لكنه لحقني قال: أين تذهبين؟ تعالي يا فتاة أخبريني ما بك؟

قلت: ماذا تريد مني أنا لا أعرفك؟

قال: ههههههههاه سوف تعرفينني لاحقا.

قلت: ليس هناك ما يضحك…أنا لا أعرف كيف وافقت بدور على المجيء إلى هنا!

قال: أنت غريبة حقا.

قلت: نعم غريبة فأنا لست مثل كل تلك الفتيات بالداخل.

قال: كلكن تقلن ذلك في البداية هههههههههههههههاه.

قلت: لا أنا لست مثلهن.

قال: لما جئت إلى هنا إذن؟

قلت: بدور هي السبب توقعت أنها صديقتي الحميمة لم أدرك أنها هكذا وتخطط لتدميري وتحويلي لأنثى ساقطة.

قال وهو ينظر إلي بحيرة: ما رأيك أن نخرج من هنا؟

قلت بدهشة: إلى أين؟

قال: سنذهب للشاطئ هل يضايقك ذلك؟

قلت: لا لكن لم نذهب للشاطئ؟

قال: أريد أن تحدثيني عنك وعن السبب الذي أتى بك إلى هنا.

قلت: موافقة لكن لم أعرف اسمك.

قال: اسمي راشد, وأنتِ؟

قلت: انا أمل.

ذهبت معه للشاطئ وجلسنا هناك بعيدا عن صخب الموسيقى والرقص وحكيت له عن بدور وجاسم وكيف عرفته عن طريقها, وعن عائلتي الصغيرة وإهمال والدي لي.

قال لي: بدور فتاة لعوبة عرفتها عن طريق جاسم وفتياته كانت تزور جاسم في منزله هي وابتسام.

قلت: ابتسام؟ أليست هي صاحبة يوم الميلاد الليلة؟

قال بدهشة: يوم ميلاد؟

قلت: نعم قال جاسم أنه يوم ميلاد ابتسام أخته.

ضحك ساخرا: هه ابتسام أخت جاسم؟ هههههههههههاه كم أنت طيبة يأ أمل.

قلت: لماذا تقول ذلك؟

راشد: ابتسام ليست أخت جاسم والحفل لم يكن يوم ميلاد أحد إنه حفل عادي يقيمه جاسم كل أسبوع في منزله بدون مناسبة يجتمع فيه كل اصدقاءه للرقص واللعب.

قلت بدهشة: كذبوا علي؟ لماذا؟

راشد: لابد أنها إحدى خطط جاسم مع بدور للإيقاع بك يا أمل.

تساقطت دموعي بغزارة وقلت: لماذا يوقع بي ما هدفه؟ ولم بدور تشاركه في ذلك لماذا؟

راشد: لا أعرف لكن من المؤكد أن هناك سبب دفعهما لذلك وستعرفينه يوما.

 

يتبع…

رمال من أمل (7)

بعد أن أغلقت الهاتف بقيت أفكر… كيف أذهب لحفل أناس لا أعرفهم وبأي صفة

إن بدور تورطني في مشاكل كثيرة دائما لكنها صديقتي على كل حال…ولا يمكنني تركها

ماذا سأقول لجدتي؟ فأنا لم أعتد الذهاب لحفلات أو لأي مكان آخر…كنت حائرة جدا لكن فالنهاية قررت أن أخبرها وخرجت من غرفتي ويداي مشبوكتان ببعضهما وقلت: جدتي.

أجابت: نعم يا ابنتي ماذا تريدين؟

جلست بجانبها وقلت: إحدى صديقاتي بالجامعة ستقيم حفل ليوم ميلادها وقد دعتني أنا وبدور للذهاب ما رأيك؟

الجدة: حفل؟ حسنا الرأي رأي والديك يا حبيبتي فلمَ لا تخبريهم؟ يجب أن يعرفوا.

قلت: وما الفائدة فحتى لو أخبرتهم فهو شيء لا يهمهم…أنا أريد موافقتك أنت يا جدتي.

الجدة: أنا لن أحرمك من الذهاب والاستمتاع بحفل صديقتك لذلك يمكنك الذهاب لكن متى هذا الحفل؟

قلت: غدا مساءا يا جدتي.

الجدة: اذهبي ولا تتأخري.

قلت: بالتأكيد.

دخلت غرفتي وقلبت كثيرا في الخزانة…أنا لم أذهب للسوق منذ فترة لشراء ثوب جديد أو ما شابه…وجدت فستانا أحمر طويل وناعم جدا لم ارتده ولا مرة ومع حذاء مناسب وبعض الاكسسوارات.

حسنا هذا ما يناسبني…وصعته جانبا حتى موعد الحفل حين وصلت بدور وخرجت لملاقاتها ظننتها أتت بمفردها لكنني وجدتها مع جاسم تلوح لي من نافذة السيارة…تنهدت وقلت في نفسي: جاسم جاسم أليس لديه ما يقوم به؟ إنه غريبٌ حقا!

ركبت السيارة وقلت: السلام عليكم

جاسم وبدور: وعليكم السلام

جاسم: أهلا أمل لم أتوقع مجيئك ظننتك سترفضين.

أمل: فالواقع لم أكن اريد المجيء لكن بدور ألحت علي لذلك وافقت…حسنا مبارك لأختك يوم ميلادها.

جاسم: أختي آآ نعم هههههههههه شكرا لك.

انطلقنا بسرعة حتى وصلنا لحي راقي ووقفنا أمام فيلا ضخمة وجميلة, دخلنا للفيلا حيث استقبلنا رجلٌ عريض وضخم البنية وقال: اهلا سيدي تفضل الكل بانتظارك.

جاسم: حسنا يا مصلح إذهب وناد لي ابتسام بسرعة.

مصلح: أمرك سيد جاسم.

وصلت ابتسام تلك الفتاة الطويلة تبدو رقيقة لكنها ذات جمال عادي وقفت بجانب جاسم وهي تحتضن يديه وقالت: أهلا جاسم وبدور.

جاسم: أهلا بك ابتسام.

ابتسام: أوه من هذه الفتاة لم ارها من قبل؟

جاسم: هذه أمل لقد أخبرتك عنها هل نسيتِ؟

ابتسام: أوه تذكرت أهلا أمل.

مدت يديها وصافحتني بغرور ثم قال جاسم: هذه ابتسام أختي يا أمل.

قلت: أهلا بك ويوم ميلاد سعيد.

ابتسام: ميلاد؟ آآآآه نعم نعم شكرا لك يا أمل هيا تفضلوا للداخل.

تفاجئت بـ بدور تخلع عباءتها وحجابها وتسلمها للخادمة, الحفل كان مختلط فكيف سمحت لنفسها بذلك؟ قالت ابتسام: هي أمل هل ستدخلين بهذا المنظر.

حدقت بنفسي وقلت: ما به منظري ألا يعجبك؟

ابتسام: إخلعي عباءتك نحن لا نحبها هنا.

قلت: لا أفهم!

ابتسام: بدور ألم تخبريها ما يجب عليها فعله؟ لن تدخل هكذا.

أخذتني بدور بعيدا وقالت: أمل لقد أحرجتني…هيا اخلعي عباءتك.

قلت: لا لن أفعل كيف أخلعها أمام كل هؤلاء الرجال هل انت مجنونة؟

بدور: يا إلهي أنت حقا غريبة الأطوار, متى تتعلمين الحرية؟ من سيراك هنا أو يعرفك هيا اخلعي العباءة بسرعة.

 

يتبع…

« Older entries Newer entries »