رمال من أمل 18

استندت بجسدها إلى الطاولة وقالت: كنت واثقة من أننا سنلتقي مجددا…وها قد حدث.

قلت: وهل كنتي تنتظرين هذا اليوم حقا؟

أجابت: نعم وقد جاء دون تأخير…في المرة الماضية لم تسمعي كلامي حين منعتك من دخول غرفة القياس وها أنتي تكررين نفس الشيء وترفضين الغناء معنا…

قاطعتها قائلة: وفيم يهمك رفضي او موافقتي؟ هل تتوقعين مني الرضوخ لأوامرك مثل الاخريات؟

هجير: أتوقع منك الكثير يا حلوة فأنا لا يرفض لي طلب أبدا وكل ما أريده ينفذ فالحال…لذلك سوف تنهضين معي وتغنين مثلما فعلن الأخريات من دون نقاش.

قلت بدون اكتراث لكلامها: لدي محاضرة الآن … اذهبي وتابعي غناءك بنفسك ربما ينتهي العرض ولم تنالي حصتك من المديح والمجاملة.

مشيت بخطوات سريعة حتى لا أتأخر لكنها لحقتني وجذبتني بيديها القويتان وقالت: من تظنين نفسك لتتكلمي معي بهذه الطريقة؟

قلت بعصبية: أنتي مزعجة حقا! وإن لم تكفي عن ملاحقتي سوف أبلغ إدارة الجامعة بتصرفاتك وتكونين عبرة لمن لم يعتبر.

هجير: تهددينني إذن؟! هذا جيد …

قاطعتها: أرجوا أن لا تعيدي علي اسطوانتك القديمة فلا يهمني من تكونين ولا تهمني عائلتك كلها.

انصرفت دون توقف ابدا حتى وصلت لبوابة الجامعة…كنت منزعجة جدا وحاولت تهدأت نفسي وخرجت بعدها دون حضور آخر محاضرة.

حين عدت للمنزل وجدت بعض الحقائب أمام الباب, تسمرت في مكاني وقلت: هل عادت سميرة بهذه السرعة؟ او ربما عادت جدتي!

فتحت الباب بسرعة ودخلت وكان أبي يقف في الردهة وبيده سيقار ينفثه بقوة قلت: هل عادت جدتي؟

ضحك ابي بصوت عالٍ وقال: أي جدة يا فتاة؟ ههههههههههه ألازلت تفكرين بها؟

قلت بحزن: حقائب من إذن هذه؟

قال: أنا وأمك سنسافر لبريطانيا بعد قليل.

جلست بخذلان على الكرسي الموجود أمامه وقلت: ستتركانني هنا بمفردي إذن…

قاطعني قائلا: سنغيب لفترة طويلة قد تمتد لعام بسبب أعمالي الحالية وسوف أقوم بتأجير هذا المنزل لذا وضعت لك بعض النقود في غرفتك تكفيك للحصول على سكن بالجامعة أو أي مكان آخر تريدينه.

انهرت باكية بعد سماعي لكلماته: ألا تشعران بي؟ ألا أهمكما أبدا كل ما تفكران به هو مشاريعكما وأعمالكما الأخرى وسميرة و…

قاطعني منزعجا: توقفي عن الصراخ يا فتاة لا أريد سماع أي نقاش أو تذمر …المال في غرفتك ولديك يومان فقط لترك المنزل لأن المستأجر سيأتي خلال ايام قليلة…

خرجت والدتي من غرفتها وهي تنظر إلي دون اهتمام وقالت: هيا بنا تأخر الوقت يا عزيزي….أرجوا أن تنفذي كلام أبيك بسرعة…وداعا.

حاولت استيعاب ما حدث كله لكنني كنت منهارة…لا أعرف كيف أتصرف ولا إلى أين اذهب …تذكرت سارة صديقتي فهاتفتها وطلبت مساعدتها, طلبت مني مقابلتها في منزلهم الكبير.

ولم أتردد في ذلك بل أسرعت إليها وأخبرتني بأنها ستساعدني:

سارة: لا تحزني يا أمل ربك كريم يا عزيزتي وسوف يندم والداك على ما فعلوه بك.

قلت: ولكن أين أجد مسكن الآن؟ هذا صعب و…

سارة مقاطعة: سوف تسكنين في شقة أخي راشد.

قلت: هل لديك أخٌ اسمه راشد؟

سارة: نعم وهو صاحب هذه الشقة التي أخبرتك عنها.

قلت بأسى: ألن يغضب لو علم بوجودي في شقته أو يكون بحاجة إليها؟

سارة: لا أبدا … وهو مسافر منذ فترة وربما يتأخر في سفره قليلا…لا تفكري بالأمر ويمكنك السكن فيها منذ اليوم إن أردتِ.

أضف تعليق